المادة    
ثم بعد ذلك ظهرت الجهمية، وهي منسوبة إلى الجهم بن صفوان، وقد اشتهر بأمرين كلاهما كفر:
الأول: إنكاره للأسماء والصفات.
الثاني: قوله في الإيمان أنه مجرد المعرفة فقط، فمن عرف الله فهو مؤمن كامل الإيمان.
ثم أضاف إلى ذلك مذهب الجبرية لما خاض أصحابه في القدر، فاجتمع لدى جهم شر المذاهب وأخبثها، فهو ينكر أسماء الله وصفاته جميعاً، ويقول: إن الإنسان مجبور على أفعاله، فهو كالريشة في مهب الريح، ويقول بأن من عرف الله بقلبه، فهو مؤمن كامل الإيمان، فجمع الشر من جميع جوانبه.
وقد أخذ جهم إنكار الصفات عن الجعد بن درهم، وأضاف إليه الكلام في الجبر وفي الإيمان كردة فعل لمذهب الخوارج والمعتزلة.
وجهم هذا لم يكن صاحب علم ولا فضل ولا شأن، إنما كان كاتباً لأحد الثوار الذين ثاروا على بني أمية في بلاد خراسان وهو الحارث بن سريج، لكن أراد الله أن يضله ويضل به، وأن يفتنه، فجعله مثل العجل الذي كان فتنة لبني إسرائيل، فانتشرت مقالته عند جميع الفرق؛ فأخذت المعتزلة منها بحظ ونصيب، وأخذتالأشاعرة منها بحظ ونصيب، وأخذت الصوفية منها بحظ ونصيب، وفرق كثيرة أخذت بحظ ونصيب من مقالات جهم، مع أنه لم يكن له أدنى شأن في العلم، ولا في العقليات، ولكنه فتنة، وقد شبهه أحد العلماء، فقال: فتن الناس به كما فتن بنو إسرائيل بالعجل.
  1. ظهور فرقة الأشاعرة

  2. اندماج التصوف بمذهب الأشعرية